نصوصُ الكتبِ المفقودةِ - جمعُها وتحقيقُها

الملخص

إنَّ ما ينبغي أنْ نشير إليه هنا، أنّ تحقيقَ النصوصِ ليس من مبتدعاتِ هذا العصرِ الذي حتّم على المحقّقين التمسَكَ بالمنهجِ العلمي في تحقيق النصوص، وإنّما هو ممّا ابتدعه العلماءُ العربُ من بدايةِ تشكيلِ المعرفةِ العربيةِ في أطوارها الأولى، حينما تصدّوا لجمعِ الحديثِ النبوي، إذْ سعوا إلى التدقيقِ في مضامينِ الأحاديثِ التي وصلتْ إليهم من طريق الروايةِ الشفويّةِ، فوضعوا العلوم التي تحقّقُ لهم ما يسعَون إليه، من أجلِ الاطمئنانِ إلى صحةِ الأحاديث ودقّتها ⁽⁾. فكانتْ هذه البدايةُ الحقيقيةُ للتحقيقِ العلمي الذي يحرصُ على المحافظةِ على النصِّ المحقّقِ، وإظهاره على الوجهِ الذي أراده له صاحبه. وهنا تكمنُ الصعوبةُ التي تعترضُ عمل المحقّقِ، وإذا كان هذا في تحقيق الكتابِ المخطوطِ، فلنا أنْ نقدّرَ مقدار ما يعترضُ عمل من يجمعُ نصوص كتابٍ ويحقّقه من صعوباتٍ، ليس بالجهدِ الذي تتطلّبهُ، وإنّما في الوصول إلى الاطمئنان التامِ على دقّةِ الجهد.